“هل تدرك السمكة أنها مبتلة بالماء؟” هذا السؤال طرحه عالم الإتصال الكندي مارشال ماكلوهان (صاحب نظرية القرية العالمية) , الجواب طبعاً “لا” ؛ لأن البيئة التي تعيش فيها السمكة مغلفة بالماء إلى درجة أنها لا تشعر بالماء إلا في حالة فقدانه أو غيابه !
هكذا الحال تماماً في علاقة أفراد المجتمع بوسائل الإعلام الجماهيرية ، والتي تتدخل تقريباً في كل مجالات حياتنا اليومية وواقعنا إلى درجة أننا لا نشعر بوجودها, إننا – كالسمك في الماء- محاطين بوسائل الإعلام الجماهيرية من كل جانب , فهي تزودنا بالمعلومة, تسلينا وترفه عنا, تسعدنا, تحزننا, تضايقنا, تحرك مشاعرنا, تتحدى ذكائنا, وأحياناً تحاول استغفالنا. وتساعدنا على التعرف على أنفسنا, كما أنها تشكل واقعنا وحياتنا . وبالطبع يجب أن لا يتم تعميم ذلك على الوسائل الإعلامية بشكل عام .
لكن : هل هناك وسائل إعلامية فاسدة يقف ورائها أشخاص يحاولون التكسب من وراء إثارة بعض القضايا والوقوف في جانب معين دون الآخر لتحقيق مصالح خاصة؟ وما الحال إذاً لو فسد هذا الإعلام ؟ ما العمل إذا فسدت وتلوثت أقلام وكاميرات وميكرفونات العاملين في مهنة نقل الحقائق وكشف المفاسد وتقلب بعض الإعلاميين وقدرتهم على تغيير مواقفهم بسرعة فائقة ؛ فالإعلام كأي جهة قد ينخره الفساد وذلك يعود إلى القائمين عليه . أو أن يستغل الإعلامي وظيفته في تصفية حسابات شخصية له فيصبح أعداؤه فاسدون يطاردهم ويتهمهم بالفساد متناسياً بذلك وظيفته كإعلامي هدفه أولاً وأخيراً إظهار الحق وإعلاء كلمته .
وهنا نتساءل هل تتم محاربة الفساد بتصيد أخطاء فلان من أجل تصفية حساب معين، والسكوت على أخطاء ألف فلان آخر.
هذا كله بالطبع يشكل نوع من أنواع الإبتزاز من قبل الإعلاميين أو الإداريين والمالكيين لوسائل الإعلام المختلفة إبتزاز من نوع جديد دعونا نسميه / الإبتزاز الإعلامي (إما أن تدفع أو تثار حولك قضايا الفساد تحت شعار محاربة الفساد والقضاء عليه) . وغيرها من الممارسات غير الأخلاقية في وسائل الإعلام متمثلة في انتشار جريمة الرشوة في الأوساط الإعلامية ؛ وهنا يقف القارئ في حيرة من أمره بين مصدق لما سمع ومكذب وبذا تنتفي صفة المصداقية عن وسائل الإعلام .
من هنا فالفارق في ذلك هو إيمان الإعلامي برسالته الإعلامية وأن يكون صاحب رؤية ومبدأ لا يتنازل عنه أبداً وتحمل الضغوطات التي قد يتعرض لها للتخلي عن قضيته.
نبذة عن الكاتبة
الدكتورة غادة أشرف السيد بوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري
